ما بعد العيد: الرتم الذي يعود دون استئذان

كأنّ شيئًا لم يكن !
هكذا يعود رتم الحياة بعد العيد، دون أن يطرق الباب أو يُمهل القلب كي يلتقط أنفاسه! تعود الأصوات اليومية بنبرتها المعتادة صوت الغلايّة / زفير الأجهز/  وقع الخطوات في الممر/ وضجيج المدن التي لا تأبه إن كنت قد احتفلت بالأمس أو مرّ بك حنين مفاجئ لصوت المفرقعات.

رمضان مرّ سريعًا هذا العام.
ربما لأنه كان في الغربة؟! أو لأننا نحاول في البعد أن نكثف المعنى ونعوض الغياب بالتفاصيل مثل فطور صغير نعدّه كأننا نستعد لاستقبال زوّار و دعوات هامسة آخر الليل، واتصالات متأخرة نحاول فيها أن نطمئن على من نحبّ دون أن نُظهر كم نشتاق.

في الغربة، لا يُعلَن العيد كما يُعلَن في الديار.
هنا نرتب ملابسنا بأنفسنا و نأخذ الصور لأنفسنا ونقنع الطفل الذي في داخلنا بأن هذا الفرح يكفي..! حتى وإن لم يطرق أحد الباب صباحًا ليقول “عيدكم مبارك“. ومع ذلك قضينا وقتاً جميلاً، ضحكنا على أشياء صغيرة، وتبادلنا التمر والشوكولاتة كما لو كان طقسًا عريقًا، وأطفأنا أنوار البيت قليلًا لنشعل قلوبنا بالونس.

في ليلة من ليالي رمضان، خرجت إلى السوق أبحث عن حلاوة “ماكنتوش”.
لي عادة قديمة مع هذه الحلوى لا أحب منها سوى نوعين تلك التي تكون بحشوة الفراولة و الأخرى بالبرتقال… تجولت طويلًا بين الرفوف قلّبت العلب، سألت البائع، وبحثت حتى ظننت أنني سأجد واحدة في جيب معطفي! لكنّها لم تكن هناك…. كأن المدينة كلّها نسيت هذا الطعم، أو كأن الغربة قررت أن تحرمنا من أشياء لا تُشترى فقط بل تُذكر.

ثم عاد الرتم.
عاد ليذكرنا أن الحياة رغم كل ما نفقده أو نشتاق إليه، لا تتوقف…! لكنها تمنحنا لحظات تتسلل وسط الانشغال و تهمس لنا بأن الذكرى لا تموت وأن الفرح وإن كان ناقصًا يبقى فرحًا…

وكُل عام و أنتم بخير .

– سيرين

اترك رد