عن العجز الذي يسكننا

لا نملك إلا أعينًا نفتحها على الصور! ثم نغلقها كي لا تفيض.
غزّة ليست نشرة إخبارية …! ولا مشهدًا يمرّ سريعًا في زمن العجالة.
غزّة هذه المرّة — كما في كل مرّة — تنهض من الركام لتدلّ علينا، لا لنتدلّى عليها بالبكاء.

لم نكن يومًا أبطالًا، نحن الذين نراقب من خلف الشاشات، نُطفئ الضوء عند اشتداد القصف ونترك لأرواحنا أن ترتجف. نحن العاديّون، غرباء في جغرافيا الخوف، نقول لأنفسنا: “ماذا بوسعنا أن نفعل؟” وكأنها جملة نُسكِت بها ضميرًا بدأ يعلو صوته.

هناك في الضفة الأخرى من هذا العالم، تتعثّر طفلة بين الحطام تبحث عن أمّ كانت تعدّ لها عشاء البارحة. و هناك امرأة تحمل في حضنها رضيعًا وتهمس له باسمٍ جديد اسم من غبار! كأنها تقول “ابقَ هنا، لا تذهب.”
وهناك مدينة صغيرة تُهدَم شوارعها ثم تُرسم من جديد في ذاكرة ساكنيها.

العجز ليس تبريرًا هو فقط مرايا نكسرها لئلا نرى وجوهنا في لحظة الخراب.
نكتب ! نعم ….  لعلّ الكتابة تشبه الصلاة لعلها تخفف شيئًا من وطأة أن نكون بشرًا لا يستطيعون سوى أن يشهدوا.

غزّة يا عروس التعب،
نحن لا نملك سلاحًا، ولا قوة، ولا سياسة.
نملك فقط قلوبًا ترتجف وأقلامًا نحاول بها أن نشهد،
لئلا يُقال إنّ أحدًا لم يَرَ،
ولم يسمع،
ولم يَبكِ.

– اللوحة لـ ميسرة بارود

One Reply to “عن العجز الذي يسكننا”

  1. هنا تعجز الحروف عن التكاثر ،
    عن تكوين كلمة ، أو كلمتين
    عن تدوين ثأر أو ثأرين ،
    عن تحنيط دمعة أو دمعتين
    أو تجفيف قطرة دم أو قطرتين
    أو نهرٍ جارٍ من الرماد و الأطفال
    أو تحنيط وجوهنا في متحف التبلد البشري

    أمام غزة صرنا لا نقوى على شيء ،
    حتى على النظر في وجوهنا.
    صرتُ أعانق طفلي و أدعو الله
    و أغالب دموعي ، أحاول أن أعانق أرواح الأطفال. لن أقوى على تخيل ما تقاسيه الأمهات هناك. لا أملك إلا الدعاء.
    اللهم جبرًا لغزة ، و أطفال غزة ، و هلاكًا
    للصهاينة المعتدين. اللهم آمين

اترك رد