لم أتغيّر !

منذ عامين قد دلفت الثلاثين ولا تزال نظرتي لنفسي والحياة كما هي، كأنما وضعتُ نظارات عتيقة لم تتغير بعد. أجدني في موقفٍ مُحرج، عاجزة عن ترميم ما كُسِر، أو إصلاح ما أفسدته الحياة الماكرة التي تحمل في جعبتها مفاجآت غير سارة. كبرت، نعم، لكن الأماني والأحلام بقيت عالقة في براثن الطفولة، كالألعاب المنسية في العلية.

حتى الأمومة، تلك الفكرة الرائعة التي كانت تُغني أحلامي، لم تُحدث تلك التغيرات المبهرة في ذاتي. ما حصل هو أنني انطفأت فقط، مثل شمعة عُرضت لرياح الحياة الباردة. وتمضي الأيام والشهور كلمح البصر، وكأنهن يتسابقن نحو الأفق، بينما أنا هنا، أُراقب بحذر، أخشى أن أنسى من أكون.

الحزن والحنين إلى الماضي، ذلك الماضي البائس الذي يُشبه حكايات الخراف، أصبحا جزءًا لا يتجزأ من شخصيتي. قد يكون هذا هو عزائي في وحدتي، كما لو كنت أعيش في غربة وطن، لكنني في الحقيقة أعيش في غربة نفس. أليس غريبًا أن تجد نفسك غريبًا في قلبك؟

ومع ذلك، لا يمكنني وصف صعوبة الأمر، كأنه محاولة لكتابة سيرة ذاتية تحت تأثير فنجان قهوة مُرّ. إنني أعيش في لوحة تُصور الاغتراب بألوان قاتمة، حيث تتراقص مشاعري على أنغام الحزن، وتتحرك أفكاري كما لو كانت تتجنب الوصول إلى بر الأمان.