إن الالتفاتة التي تأتي بعد فوات الأوان مهما بدت صادقة أو عميقة، لا يمكن أن تلامس قلبي الذي اعتاد الصمت بعد أن أرهقته الانتظارات الطويلة.
نحن في أعماقنا كائنات متعطشة للحظات صادقة تأتي في أوانها، و للحضور الذي يأتي حين نحتاج إليه ..! الكلمات التي تُقال بعد مرور مدّة من الزمن ليست سوى أصداء خافتة، تُسمَع لكنها لا تُحَس..! تلك الكلمات مهما كانت منتقاة أو مشبعة بالعاطفة، تفقد ثقلها عندما تصل متأخرة! وكأنها عبء آخر يُلقى على كاهل القلب بدلًا من أن تكون بلسمًا لجراحه.
وبالنسبة للاعتذار المتأخر! الذي يصل بعد أن تنطفئ الأضواء ويُغلق المسرح، فإنه يطفو على سطح القلب و لا يملك من القوة ما يكفي ليغوص في الأعماق .
إن ما ينطق به الإنسان حين يكون وقته قد انقضى، ليس إلا همسًا يتلاشى في الفراغ إنه صوت بلا صدى، خالٍ من الأثر الذي كان يمكن له أن يتركه لو قيل في اللحظة الصحيحة! لأن الكلمات مثل الأفعال ترتبط بزمانها ومكانها، ولا تُجدي نفعًا إذا انفصلت عن ذلك السياق الذي يمنحها قيمتها.
الحياة قصيرة…/ والزمن لا يرحم، وما يضيع منا من فرص للتعبير أو للتصحيح لا يعود…! لذلك ليست المسألة في القول أو الفعل! بل في التوقيت، أن تكون حاضرًا حين تحتاجك القلوب، أن تنطق حين تكون الكلمة علاجًا، وأن تبادر حين تكون المبادرة حياة ..! هذا هو الاختبار الحقيقي الذي قلّما نجتازه وقلما يغفره الزمن.