وصلتني عدّة تعليقات عن سبب غيابي عن المدوّنة لم أُصدّق بصراحة أنه في يومٍ ما قد ألفِت انتباه أحد ! ولكن قد تظنون أنّني في غمرة أحداث مثيرة أو لدي أشغال كثيرة! للأسف، لقد وجدت نفسي من جديد عاجزة أمام الكلمات. إنه لأمر غريب حقًا، أن يقف المرء على عتبة الفكرة، لكن الكلمات تأبى أن تتبعها. وكأنها عصافير خائفة تطير بعيدًا عند أدنى حركة. كم مرة جلست أمام جهازي المحمول ويديّ على لوحة المفاتيح وأصابعي قد استعدّت وكأنها ستعزف على بيانو، لأجد أن الأفكار قد تلاشت قبل أن تتجسد. لكن لا تظنوا أنني قد رفعت راية الاستسلام. كلا، فقد أتعثر في بحر من الصمت الآن، ولكن حتى البحر له مدٌ وجزر. ومهما طال هذا المدّ، فإنني واثقة أن الكلمات ستعود، وإن لم تكن اليوم فربما في الغد، فما زالت روحي تبحث عن شرارة الإلهام، وتستعد للقفز من جديد في عالم الكتابة.
آه، يا له من مشهد مألوف ومؤلم في آنٍ واحد! حين تتكالب كُل أفكاري ومشاعري عليّ وتبدو لي كل الأبواب مُغلقة! حتى حين أكون محاطةً بالناس فإن وحدتي تظل أعظم صحبة لي و على الرغم من سكوني الظاهري فإن قلبي يصرخ بصمت لا يسمعه أحد سوى نفسي…
لحظة الانفلات العظيم للعواطف أو ما يسمّوه بالانهيار العصبي ذلك الخصم الماكر الذي يسرق هدوء روحي لا يتسلل بخفة! بل يقتحم عقلي يحيل كل تحدٍ صغير إلى جبلٍ شامخ وكل هفوة بسيطة إلى كارثة هائلة! وفي لحظات اليأس تلك… ليس غريبًا أن أتمنّى لو بإمكاني الهروب من كل ما يثقل كاهلي حتى من ذاتي التي باتت عبئًا عليّ.
ومع ذلك ومن قلب هذه العتمة تنبثق دائمًا شرارة صغيرة من الأمل…. تلك الشرارة التي وإن كانت ضئيلة وخافتة تظل متمسّكة بفكرة أن الفجر لا بد أن يعقب الليل! وأن أكثر اللحظات حلكة قد تحمل في طياتها بدايات جديدة…. يا لغرابة هذه الحياة! فحتى في أوج انهيار، تستمر تلك الشرارة في إلقاء ضوئها المتواضع على ظلالي وكأنها تهمس لي بهدوء “اصبري، فما زال هناك الكثير ليُكتشف”.