يقال إن العروش لا تتهاوى إلا بفعل رياح الشعب، وإن كان هذا الشعب قد صبر طويلاً على لهيب الصيف، فليسامحنا على تعاطفنا مع الشتاء الذي أطاح به.
على الرغم من أنني قد فقدت مؤخراً جزءا من الشغف في العودة إلى الكتابة !! إلا أن خبر سقوط بشار الأسد كان لحظةً تستحق أن تُسجل ! لقد شعرت بفرحة عارمة عندما سمعت أن النهاية قد جاءت أخيرًا لذلك النظام الظالم الذي استمر طويلاً ولكن بنفس الوقت لا أستطيع أن أتجاهل الحزن العميق الذي اجتاحني حينما رأيت صور المعتقلين الذين قضوا سنوات طويلة في ظلمات الزنازين، وصور الجثث التي أبت أن تسكت، رغم محاولات النظام إخفاء الحقيقة. وهذا كوم و وجود الأطفال داخل المُعتقلات كوم آخر! لم أستطع أن أكتب كلمة واحده عنهم .
وأخيراً ها نحن ذا نعيش لحظةً تاريخية، لا! ليست لحظة… بل “مسرحية”، حيث انتهى الفصل الأخير من طاغية كان يظن أنه فوق الجميع، إلى أن سقط الأسد ! أو ربما “من تظاهر بأنه أسد” لسنوات طويلة.
لكن هل حقًا هذا سقوط؟ أم أن القصة لم تنتهِ بعد؟ يا لها من مهزلة فادحة حين يتوهم البعض أن “الأسد” كان يومًا رمزًا للسلطة، بينما كان مجرد و ظلّ يحكم بقبضة حديدية على جثث الأبرياء الذين ما كانوا يطالبون إلا بأقل القليل: الحرية. كم هو مثير للسخرية أن يبقى شخصٌ ما قابعًا في هذا العرش المتهالك لسنوات، يحكم بظلمه وحقده، في الوقت الذي كانت الأرض ترتجف تحت وطأة الشعب الذي ضاق به الحال، ومارس عليه نظامه أبشع أنواع البطش والتعذيب. وبينما أسجل هذه الكلمات، لا أستطيع أن أُخفي غضبي على ما عاناه أولئك الذين عايشوا سنواتٍ من الظلم والتنكيل، أولئك الذين هاجروا قسراً عن أراضيهم و وطنهم.
أيتها الأجيال القادمة، تذكّروا هذا اليوم جيداً ( ٨ /١٢ / ٢٠٢٤ ) ليس لأنه سقوط الطاغية فحسب، بل لأنه تذكير بسيط أن من يبني قلاعه على دماء الأبرياء، سيجد نفسه يغرق فيها.
وهنيئاً لكم بالعودة و الحريّة يا أهل الشام، فأنتم الآن تُعيدون كتابة الحكاية، وبالنسبة للباقين تذكروا أن الملوك يأتون ويذهبون لكن الأقلام هي التي تكتب الأبدية.