من الغريب أنني كلما هممت بالكتابة وجدت القلق والتوتر يتسللان إلى عقلي!! الكتابة يا أعزّاء ليست بالمهمة السهلة على الإطلاق! إنها مربكة بالفعل تستهلك جزءًا كبيرًا من حياتي حيث أضع فيها كل مشاعري و آلامي وحتى لحظات ضعفي!! فلا عجب أن نقيس أعمارنا بعدد الكلمات التي كتبناها وليس بعدد الأيام التي عشناها!
وحتي بعد ما أكتب تراودني تلك الأسئلة التي لا تفارقني… هل ما كتبته يستحق حقًا! أم أنني أسكن وهمًا من صُنع خيالي؟! في بعض الأحيان أشعر وكأنني لا أجيد الكتابة على الإطلاق! ربما أكون قاسية بعض الشيء على نفسي ولكنني مع ذلك أجد دائمًا متعة في ترك نهاياتي مفتوحة! تلك النهايات التي لا تبوح بكل شيء فمنذ أن بدأت الكتابة وأنا أعيش في عالم من النهايات الغير مكتملة!
صحيح أنني لا أنشر كل ما أكتبه لأنني أعتبره غير مناسب للنشر! لكن سرعان ما أجد نفسي أكتب نصًا وأقوم بتنقيحه حتى يصل إلى مستوى يرضيني نوعاً ما! حتى أنني أجد نفسي غارقة في البحث عن صورة أو لوحة تتناسب مع ما كتبت… وبالمناسبة، هناك من سألني عن مصدر الصور التي أستخدمها في التدوينات و هي غالبًا ما تكون من هذا الموقع الرائع “ https://www.rawpixel.com “.
دعوني أحدثكم اليوم يا أعزّاء عن تلك الظاهرة التي تتسلل إلى حياتنا بكل براعة، كأنها ضيف غير مرغوب فيه يحاول سرقة مقعده على طاولة فرحتنا، هناك نوع من الأشخاص الذين لا يستطيعون أن يروا بهجتنا دون أن يشعروا برغبة عارمة في تلويثها، إنهم لا يسارعون بتهنئتنا فحسب بل يتقنون فن دسّ الشكوك بين كلماتهم.
فأنت قد تكون في عزّ نجاحك، فخورًا بما حققته، ليأتيك أحدهم بلطف مصطنع، قائلًا تهانينا، ولكن، ألا تخشى أن يحدث كذا وكذا؟ أو ربما مبروك! لكن يجب أن تنتبه من هذا وذاك!! وكأنما يحاول أن يُطفئ نور إنجازك بنفحة من خوفه الشخصي وإن حدث لك شيء جميل، فلا تتفاجأ إذا قوبلت بعبارة مبروك، لكن ينقصك هذا الشيء وأشياء أخرى..!
و علينا أن نعترف أن هؤلاء قد لا يكونون واعين تمامًا بما يفعلونه فهم يسقطون علينا مخاوفهم وضعفهم، ويرمون علينا عُقدهم الصغيرة، ومع ذلك دعونا لا نغفل حقيقة أن هذا الأسلوب في أحيان أخرى هو شكل من أشكال النقد المسموم الذي لا يهدف سوى إلى إطفاء شمعة الفرح.
لذا يا أعزّاء كونوا دائمًا على مستعدّين لمواجهة هؤلاء السارقين السريّين للسعادة والأهم من ذلك احرصوا على ألا تصبحوا أنتم مثلهم فليس هناك أسوأ من أن تُطفئ فرحة أحدهم وأنت تتظاهر بالحكمة.
هل تساءلتم يومًا ما عن ذلك البريق الذي يتوهج في أعماق الروح؟ ذلك الوميض الخافت الذي يشبه انعكاس النجوم على سطح البحر في ليلة حالكة، حينما يخفت تارة ويضيء تارة أخرى. إنه شعور لا يوصف كالسحر الذي يتلون مع حالاتي ومزاجي يومًا أكون كالنجمة الساطعة مشرقة بنور داخلي لا يعرف الانطفاء، ويومًا آخر أجد نفسي مثل كوكب بعيد لا يصله نور الشمس ولا ينعكس عليه ضوئها.
كم أتمنّى لو أستطيع أن أحفظ هذا البريق في زجاجة، لأخرج منه ما أحتاج في أيامي الخافتة و أبقي بعضاً منه لصديق قد يحتاجه مثلي. إلى حين ذلك، سأظل أراقب هذا البريق المتردد وأتساءل إن كنتم يا أعزّاء تشعرون بما أشعر به، أم أن النجوم تختار من تبوح له بأسرارها؟
كم يسعدني قضاء الساعات في نسج الأحلام والطموحات، تلك الرؤى التي تأخذني بعيداً نحو مستقبل لا أستطيع تحديد ملامحه بعد، فأقدارنا، كما نعلم جميعاً، في علم الغيب!! و أتساءل، كيف سأبدو بعد سنوات من الآن؟ هل ستكون حياتي كما تخيلتها؟ حسناً لنضع هذا الأمر جانبًا… ومع ذلك لا أستطيع أن أمنع نفسي من تخيل شقة صغيرة وأنيقة في قلب باريس بملامحها الباريسية الساحرة التي تنبض بالحياة… امممم لم أزر باريس من قبل ولكنني على يقين تام بأنها ستكون خلابة في عينيّ فبعض الأماكن يا أعزّاء لا تحتاج إلى زيارة فعلية لتسرق قلبك يكفي أن تتسلل إلى مخيلتك لتصبح جزءاً من أحلامك الأكثر جمالاً .
وهل تعلمون؟ في الحقيقة أصبحت لا أجرؤ على تخيل نفسي هناك دون أطفالي! فأي أمّ جديرة بلقبها يمكنها أن تتصور حياتها بدونهم؟ أولادي هم جوهر أحلامي وهم دائماً جزء لا يتجزأ من كل صورة أرسمها لمستقبلي.
أتخيل نفسي أيضًا كسيدة أعمال ناجحة! في مجال أحبّه بالطبّع أو من يعرف؟ الحياة مليئة بالمفاجآت.!!
أما عن أمسياتي….. فهي بلا شك ستكون مليئة بالسهرات الهادئة حيث أرافق كتابًا جيدًا مع كوب من القهوة ورفيقة مُخلصة تشبهني و أشبهها…. وبالطبع سأكون قد أتقنت اللغة الفرنسية بطريقة لا تدع مجالاً للشك…. هههههه.
في الماضي كنت لا أحُب سرد أحلامي أو إظهارها بصراحة ودائماً أظهر و كأنني بلا أحلام أو طموح …. *ولكن بما أنني مُتخفّية في هذه المدوّنة سأكتبها واحدة تلو الأُخرى ولن أخجل من ذلك .
وصلتني عدّة تعليقات عن سبب غيابي عن المدوّنة لم أُصدّق بصراحة أنه في يومٍ ما قد ألفِت انتباه أحد ! ولكن قد تظنون أنّني في غمرة أحداث مثيرة أو لدي أشغال كثيرة! للأسف، لقد وجدت نفسي من جديد عاجزة أمام الكلمات. إنه لأمر غريب حقًا، أن يقف المرء على عتبة الفكرة، لكن الكلمات تأبى أن تتبعها. وكأنها عصافير خائفة تطير بعيدًا عند أدنى حركة. كم مرة جلست أمام جهازي المحمول ويديّ على لوحة المفاتيح وأصابعي قد استعدّت وكأنها ستعزف على بيانو، لأجد أن الأفكار قد تلاشت قبل أن تتجسد. لكن لا تظنوا أنني قد رفعت راية الاستسلام. كلا، فقد أتعثر في بحر من الصمت الآن، ولكن حتى البحر له مدٌ وجزر. ومهما طال هذا المدّ، فإنني واثقة أن الكلمات ستعود، وإن لم تكن اليوم فربما في الغد، فما زالت روحي تبحث عن شرارة الإلهام، وتستعد للقفز من جديد في عالم الكتابة.
آه، يا له من مشهد مألوف ومؤلم في آنٍ واحد! حين تتكالب كُل أفكاري ومشاعري عليّ وتبدو لي كل الأبواب مُغلقة! حتى حين أكون محاطةً بالناس فإن وحدتي تظل أعظم صحبة لي و على الرغم من سكوني الظاهري فإن قلبي يصرخ بصمت لا يسمعه أحد سوى نفسي…
لحظة الانفلات العظيم للعواطف أو ما يسمّوه بالانهيار العصبي ذلك الخصم الماكر الذي يسرق هدوء روحي لا يتسلل بخفة! بل يقتحم عقلي يحيل كل تحدٍ صغير إلى جبلٍ شامخ وكل هفوة بسيطة إلى كارثة هائلة! وفي لحظات اليأس تلك… ليس غريبًا أن أتمنّى لو بإمكاني الهروب من كل ما يثقل كاهلي حتى من ذاتي التي باتت عبئًا عليّ.
ومع ذلك ومن قلب هذه العتمة تنبثق دائمًا شرارة صغيرة من الأمل…. تلك الشرارة التي وإن كانت ضئيلة وخافتة تظل متمسّكة بفكرة أن الفجر لا بد أن يعقب الليل! وأن أكثر اللحظات حلكة قد تحمل في طياتها بدايات جديدة…. يا لغرابة هذه الحياة! فحتى في أوج انهيار، تستمر تلك الشرارة في إلقاء ضوئها المتواضع على ظلالي وكأنها تهمس لي بهدوء “اصبري، فما زال هناك الكثير ليُكتشف”.