حُمّى ..!

وكأنها زائر ثقيل يحلّ بلا دعوة، تسللت الإنفلونزا إلى الجسد كمتآمر ماهر، خادعة، ومتخفية بين صفوف أيامنا المعتادة..! ما إن تشعر بأنك سيد اللحظة، حاملاً عبء العالم وكأنك قادر على تسطير مجده، حتى يأتي هذا الدخيل ليكشف لك كم أنت ضعيف أمام بساطة المرض. هي ليست مجرد آلام في العضلات أو أنف يقطر بلا استئذان…! هي مرآةٌ لما نخفيه عن أنفسنا، إنها تجعل العقل يضطرب، والأفكار تتحول إلى متاهة ضبابية لا خروج منها. هل هو الحمى الذي يعبث بوعيك؟ أم ذلك الإحساس بالوهن الذي يُظهر لنا فجأة كم كنا نحتاج إلى الراحة، إلى الاعتراف بضعفنا؟

ثم تأتي العزلة..! هذا الحكم الذي تفرضه الإنفلونزا بلا محاكمة تجلس وحيدًا، تسمع أصوات الصمت من حولك، وتبدأ أفكارك في التجمع كحشد غاضب…! تسأل نفسك! ما قيمة كل ما نركض خلفه؟ لماذا نبني طموحاتنا على صحة هشّة، قادرة على الانهيار أمام فيروس لا يرى بالعين المجردة؟

لكن، وكما يحدث في كل شيء في الحياة، يأتي الشفاء كإشارة إلى أن الألم لم يكن إلا مؤقتًا وكأن المرض قد أعطانا فرصة لإعادة النظر في ذواتنا، لنعرف أن القوة الحقيقية ليست في مقاومة المرض، بل في تقبله، والاعتراف بأننا بشر، وأن الضعف جزءٌ من جوهر وجودنا.

هذه تدوينة كتبتها بعد أن قاومت المَرض بكُل ما أوتيت من قوّة !

أراكم لاحقاً .

2 Replies to “حُمّى ..!”

  1. تعجبني الطريقة التي وصفت بها مرض الإنفلونزا، وكأنها ليست مجرد إصابة جسدية، بل رحلة داخل الذات. فعلاً، قد نغفل عن أهمية صحتنا حتى يأتي مثل هذا الدخيل ليعيد لنا التوازن. شفاءك هو رسالة قوية، تذكرنا أن القوة الحقيقية تكمن في تقبل ضعفنا وفي فهم أن الراحة جزء من قوتنا.
    أتمنى لك دوام الصحة والعافية!

اترك رد